أولا: فضل يوم الجمعة+ :
يوم الجمعة يوم فاضل و عظيم، من خير أيام الدنيا. قال فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم:{خير
يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، و فيه خلق آدم –عليه السلام – و فيه أدخل
إلى الجنة ، و فيه أخرج منها ، و لا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة}*رواه مسلم*.
فينبغي أن يعظم بتعظيم الله له ، فيكثر فيه من الصالحات ، و يبتعد فيه عن جميع السيئات.
+ ليلة الجمعة تبدأ من مغرب يوم الخميس إلى طلوع شمس الجمعة ، ونهار الجمعة يمتد من طلوع الشمس إلى غروبها.
و الليلة و النهار يكونان يوما.
ثانيا: آداب الجمعة و ما ينبغي أن يؤتى في يومها:
1- الاغتسال على كل من يحضرها لقوله صلى الله عليه و سلم: {غسل الجمعة واجب على كل محتلم} *متفق عليه*.
- محتلم : من بلغ سن الاحتلام.
2- لبس نظيف اللباس و مس الطيب لقوله صلى الله عليه و سلم : {على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ، و يلبس من صالح ثيابه ، و إن كان له طيب مسّ منه} *رواه الإمام أحمد*.
3- التبكير لصلاة الجمعة ؛ أي الذهاب إليها قبل دخول وقتها بزمن لقوله صلى الله عليه و سلم :{من
اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ،
و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، و من راح في الساعة الثالثة
فكأنما قر ب كبشا أقرن ، و من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، و
من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت
الملائكة يستمعون الذكر} *رواه البخاري و غيره*
4- صلاة ما تيسر من النوافل عند دخول المسجد أربع ركعات أو أكثر لقوله صلى الله عليه و سلم : {لا
يغتسل رجل يوم الجمعة ، و يتطهر بما استطاع من طهر ، و يدّهن من دهنه ، أو
يمس من طيب بيته ، ثم يروح إلى المسجد و لا يفرق بين اثنين ، ثم يصلي ما
كتب له ، ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر له من الجمعة إلى الجمعة الأخرى
ما لم يغْشَ الكبائر} *رواه البخاري و غيره*.
5- قطع الكلام و العبث بمس الحصى و نحوها إذا خرج الإمام لقوله صلى الله عليه و سلم :{إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة و الإمام يخطب : أنصت فقد لغوت} *رواه مسلم و غيره * و قوله صلى الله عليه و سلم : {من مس الحصى فقد لغا، و من لغا فلا جمعة له} *رواه أبو داود في صحيحه*.
6- إذا دخل و الإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين تحية المسجد لقوله صلى الله عليه و سلم : {إذا دخل أحدكم يوم الجمعة المسجد و الإمام يخطب فليركع ركعتين و ليتجوز فيهما} *رواه مسلم و غيره*.
7- يكره تخطي رقاب الجالسين و التفرقة بينهم لقوله صلى الله عليه و سلم للذي رآه يتخطى رقاب الناس :{اجلس فقد آذيت} *رواه أبوداود و ابن ماجة* و لقوله : {و لا يفرق بين اثنين}سبق تخريجه.
8- يحرم البيع و الشراء عند النداء لها لقوله سبحانه و تعالى :{ إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع } *سورة الجمعة الآية 9*
9- تستحب قراءة سورة الكهف في ليلتها أو يومها لقوله صلى الله عليه و سلم :{من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين}*رواه الحاكم و صححه*.
10- الإكثار من الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم لقوله :{أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة و ليلة الجمعة ، فمن فعل ذلك كنت له شهيدا و شفيعا يوم القيامة} *رواه الحاكم البيهقي بإسناد حسن*.
11- الإكثار من الدعاء يومها لأن بها ساعة استجابة من صادفها استجاب الله له و أعطاه ما سأل . قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : {إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله عز و جل فيها خيرا إلا أعطاه إياه} *رواه مسلم و غيره* .
وورد أنها مابين خروج الإمام إلى الفراغ من الصلاة ، و قيل إنها بعد العصر والله أعلم.
ثالثا : صلاة الجمعة
1- حكمها:
صلاة الجمعة واجبة بقوله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع}سورة الجمعة9 ، و قول الرسول صلى الله عليه و سلم : {لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن الله على قلوبهم ، ثم ليكونن من الغافلين}رواه مسلم. و قوله صلى الله عليه و سلم : {الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض} رواه مسلم.
2- الحكمة من مشروعيتها :
من
الحكم التي شرعت لها صلاة الجمعة ؛ جمع المكلفين -القادرين على تحمل
المسؤوليات من أهل البلد أو القرية – كل أسبوع في مكان واحد لتلقي كل ما
يجد و يحدث من قرارات و بيانات يصدرها إمام المسلمين و خليفتهم فيما يتعلق
بإصلاح دينهم و دنياهم ، و ليسمعوا من الرغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد
ما يحملهم على النهوض بواجباتهم ، و يساعدهم على القيام بها في نشاط و حزم
طوال الأسبوع.
و تبدو هذه الحكمة للمتأمل من خلال شروط الجمعة و خصائصها التي سنأتي على ذكرها في حينه.
3-شروط وجوبها:
أ- الذكورية : فلا تجب على امرأة.
ب- الحرية : فلا تجب على مملوك.
ت- البلوغ : فلا تجب على صبي.
ث- الصحة : فلا تجب على مريض لا يقدر على حضورها بسبب المرض.
ج- الإقامة : فلا تجب على مسافر.
و قد جمع الرسول صلى الله عليه و سلم هذه الشروط في قوله : {من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريضا أو مسافرا أو امرأة أو صبيًّا أو مملوكا} *رواه الدارقطني و البيهقي و في سنده ضعف ، و العمل عليه عند جماهير المسلمين سلفا و خلفا، و يغضده حديث عند مسلم ذكرناه آنفا*.
←هذا و كل من حضرها ممن لا تجب عليه و صلاها مع الإمام أجزأته، و سقط عنه الواجب ، فلا يصلي الظهر بعدها أبدا.
4-شروط صحتها :
أ- القرية و الإقامة:
فلا تصح صلاتها في بادية أو في سفر ، إذ لم تُصَلّ الجمعة على عهد الرسول
صلى الله عليه و سلم إلا في المدن و القرى ، و لم يأمر الرسول صلى الله
عليه و سلم أهل البادية بصلاتها ، و على كثرة سفره صلى الله عليه و سلم لم يثبت عنه أنه صلاها في سفر قط.
ب- المسجد : فلا تصح الجمعة في غير أبنية المساجد و أفنيتها ، حتى لا يتعرض المسلمون للحر أو للبرد المضرين.
ت- الخطبة : فلا تصح صلاة الجمعة بدون خطبة فيها ، إذ ما شرعت إلا من أجل الخطبة.
*لا تجب على من كان بعيدا عن القرية:
لا تجب صلاة الجمعة على من كان يسكن بعيدا عن المدينة التي تقام فيها الجمعة بأكثر من ثلاثة أميال لقوله صلى الله عليه و سلم :{الجمعة على من سمع النداء}+، و العادة جارية أن صوت المؤذن لا يتجاوز مداه ثلاثة أميال (أربعة كيلومترات و نصف).
+ رواه أبو داود و الدارقطني و هو ضعيف ،و به العمل عند أحمد و مالك و الشافعي ، و ذلك لرواية مسلم :"هل تسمع النداء بالصلاة؟" قاله صلى الله عليه و سلم للذي طلب منه الترخيص للصلاة في بيته لمشكل إبصاره، و مفهومه أنه لو كان لا يسمع النداء بالصلاة لسقط عنه واجب الحضور
*من أدرك ركعة من الجمعة أو أقل :
إذا أدرك المسبوق ركعة من الجمعة أضاف إليها ثانية بعد سلام الإمام و أجزأته لقوله صلى الله عليه و سلم: {من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها}.رواه ابن ماجة و النسائي و الإمام أحمد و الترمذي
و أما من أدرك أقل من ركعة كسجدة و نحوها فإنه ينويها ظهرا، و يتمها أربعا بعد سلام الإمام.
*تعدد إقامة الجمعة في البلد الواحد :
إذا لم يتسع المسجد العتيق و لم يمكن توسعته ، جاز أن تقام الجمعة في مسجد آخر من المدينة أو مساجد حسب الحاجة.
*كيفية صلاة الجمعة
معلوم لدى الصغير و الكبير كيفيتها ، و لا داعي لذكر التفاصيل البدهية أو المفروض أن تكون كذلك
فقط أشير إلى أنه يحسن في الركعة الأولى منها القراءة -بعد الفاتحة- بسورة الأعلى ، و في الثانية بالغاشية و نحوها.
وورد في صحيح مسلم استحباب القراءة بسورة الجمعة و المنافقون.
أسأل الله أن يهدينا و يهدي بنا
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول و العمل
اللهم إنا نعوذ من علم لا ينفع و من عمل لا يقبل
آمين
إشارة : معلومات الموضوع جمعتها لكم بتصرف بسيط من كتاب "منهاج المسلم" للشيخ الأستاذ أبي بكر جابر الجزائري
و أعتقد جازما أن كتابا كهذا لا ينبغي أن يخلو منه بيت مسلم أبدا