[rtl]إن الدور الذي نهضت به مدينة سبتة في تاريخ المغرب العلمي دور بالغ الأهمية، وعرفت عبر تاريخها رجالا تركوا بصماتهم، ونهضوا بالعلم والمعرفة، ومن بين نوابغها الإمام الفذ ابن خمير السبتي.
مولده ونشأته:
أبو الحسن علي بن أحمد بن خمير الأموي، يقول الدكتور جمال علال البختي في ترجمته: «لم تذكر المصادر القليلة التي ترجم له تاريخا لميلاده، ونرجح أن يكون ميلاده قد تم في أواسط القرن السادس الهجري، أي في سنة (550هـ/1155م) أو قبلها أو بعدها بقليل، أما وفاته فوقعت عام 614هـ/1217م.
كان ميلاده بسبتة في ظل حكم الموحدين حيث عاصر دولتهم في مرحلة التأسيس، ثم في طور الأوج والقوة[1].
قضى ابن خمير فترة مهمة من صباه في حفظ كتاب الله وتعهده، ثم انتقل لتلقي العلوم التي كانت تدرس بمدينته من نحو ولغة وشعر وغيرها[2].
شيوخه:
لما كانت الرحلة العلمية من خصوصيات الثقافة والحضارة المغربيتين في مختلف الأطوار التاريخية وكغيره من الطلبة ذوي الأرواح الوثابة والنفوس العالية، انتقل ابن خمير إلى الأندلس حيث لقي جملة من شيوخ العلم هناك، ووسع معارفه، وقوى منهجه وشحذ قريحته[3] ، وقد ذكر "الدكتور جمال البختي" جملة منهم في مقدمة تحقيقه، من أهمهم:
- أبو محمد عبد الله بن محمد الحجري المشهور بأبي عبيد (ت 591هـ).
- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي المعروف بالقراف والخراز (ت 581هـ).
- محمد بن عامر بن محمد بن عبادة الأنصاري الخزرجي (ت بعد 580هـ)
- أبو عبد الله بن زرقون (ت 586هـ) الفقيه المالكي العارف بالحديث.
- أبو العباس العزفي (ت 633هـ) وغيرهم[4].
تلاميذه:
إن من أشهر التلاميذ الذين ثبت دراستهم على ابن خمير تلميذان وهما: أبو عبد الله الأزدي وأبو عبد الله الطراز[5]:
* أبو عبد الله الأزدي (ت 660هـ)، هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن سليمان الأزدي السبتي، قرطبي الأصل، انتقل منها أبوه إلى سبتة حيث كانت ولادته حوالي 567هـ[6].
* أبو عبد الله الطراز: (ت 645هـ) التلميذ الثاني لابن خمير، وهو محمد بن سعيد بن علي بن يوسف الأنصاري، عرف بابن الطراز الغرناطي، درس ببلده على جماعة من الشيوخ، كأبي محمد بن عبد الصمد وأبي القاسم الملاحي، وأبي محمد الكواب، ودرس بقرطبة على جماعة وبسبتة وبإشبيلية على أبي الحسن بن زرقون وابن عبد النور، وبفاس وبمرسية على جماعة، وقد كانت دراسته بسبتة على جماعة من علمائها من أرفعهم أبو العباس العزفي وابن خمير السبتي[7].
مؤلفاته:
- "مقدمات المراشد إلى علم العقائد".
- تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء وعنوان هذا الكتاب بالتمام "تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء ومجموع نكت ما خص به نبينا صلى الله عليه وسلم من الكرامات ليلة الإسراء عند لقاء الكليم وما كان بينهما من المراجعة والمحاورة في أمر الصلاة[8].
- الوصية: هذا الكتاب لم يصل، وهو كتاب خصصه لفضح زمرة المتصوفة الباطنية والمرتزقة الذين انتحلوا هذه الطريقة ظاهرا ولكن هدفهم المبيت كان هو خداع الناس وتضليل عقائدهم وأكل أموالهم بالباطل.
- شرح سورة الكهف[9].
مضمون كتاب "مقدمات المراشد"
لقد نهج ابن خمير طريقة عرض أفكاره الأشعرية على شكل مقدمات سبع وهي:
- المقدمة الأولى وتتضمن بحدوث العالم.
- المقدمة الثانية العلم بصانع العالم (الله).
- المقدمة الثالثة وتتضمن نفي التشبيه عن الذات الإلهية.
- المقدمة الرابعة وتتضمن الاستدلال على وحدانية الخالق.
- المقدمة الخامسة وتتضمن إثبات الصفات.
- المقدمة السادسة وتتضمن إثبات النبوات.
- المقدمة السابعة وتتضمن السمعيات[10].
آراؤه العقدية من خلال كتابه "مقدمات المراشد"
1 – يرى ابن خمير أن العصمة هي خلق الله تعالى للرسول القدرة على الطاعات واجتناب المعاصي (ص 308).
2- يرى ابن خمير أن آدم عليه السلام لم يعص لأن النهي كان نهي إرشاد ونصيحة فقط (ص 309).
3 – يرى ابن خمير جواز انخراق العادات للأولياء إكراما لهم، ويثبت بوجود السحر ويرد على المعتزلة في إنكارهم لذلك (ص 282-284).
4 – يرى أن التقليد في العقائد مذموم (ص 101) وأول واجب على المكلف هو: القصد ثم النظر ثم العلم، ثم الإقرار (ص 112).
5 – يؤول ابن خمير الصفات الخبرية كالاستواء والمجيء… (ص 159).
6 – يعتبر ابن خمير أن عامة المسلمين والسواد الأعظم في عقائدهم على ثلاثة أضرب:
* منهم من نظر نظرا جميلا في خلق السموات والأرض فعلم الجواز والحدوث… فهذا في حكم التوحيد لاحق بالموحدين الناجين في علم التوحيد الذين هم أهل الحق.
* ومنهم من نظر نظرا جميلا فعرفوا الحق حقا إلا أنهم لم يتمكنوا من العبارات فهؤلاء لا حقون بالصنف الأول في براءة الذمة والسلامة في الدارين ولا يبالى بعدم عبارتهم.
* وقوم قلدوا آباءهم في عقائدهم جزافا، سمع فقال من غير نظر ولا استدلال فهؤلاء مالهم في الإيمان نصيب (ص 105-106).[/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl] [/rtl]
[rtl]الهوامش:[/rtl]
[rtl]
[1] ابن خمير: مقدمات المراشد في علم العقائد تحقيق: د.جمال علال البختي، ط 1، القاهرة، 2008، ص: 33.
[2] جمال علال البختي: الحضور الصوفي في الأندلس والمغرب إلى حدود القرن السابع الهجري، ط 1، مطبعة الخليج العربي – تطوان، ص: 99.
[3] نفس المصدر السابق، ص: 100.
[4] ابن خمير، ص: 36.
[5] المصدر السابق، ص: 48.
[6] المصدر السابق، ص: 48.
[7] المصدر السابق، ص: 48.
[8] وحقق هذا الكتاب الأستاذ رضوان الداية.
[9] ابن خمير، ص: 59.
[10] يوسف احنانة، تطور المذهب الأشعري في الغرب الإسلامي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ص: 128-129.[/rtl]
[rtl]
إعداد الباحثة: حفصة البقالي
المصدر [/rtl]